الشعور بالخجل عند الأطفال ..؟؟
◄يمكن أن يكون شعور الطفل بالخجل نابعاً من شعوره بعدم الكفاءة وبالخوف من ضحك الأطفال الآخرين وحكمهم عليه. وسواء أكانت هذه المخاوف حقيقية، أم لا وجود لها إلا في ذهن الطفل، على الأُم ألا تستهين بها وألا تتجاهل شعور طفلها بالخجل.
إنّ شعور الطفل بالخجل له تأثيرات جانبية كثيرة، منها: إقامة الصداقات وتنميتها والإحتفاظ بها، مواجهة الطفل للمتاعب في فرض الإعتراف بحقوقه على الآخرين، سوء فهم الآخرين له، الظن أنا بارد لا يُبدي إهتماماً أو عطفاً على الآخرين، مصاعب في تعلُّم مهارات التواصل الإجتماعية الفعالة، عناء في التعبير عن مشاعره. إنّ الخجل هو شعور فظيع غير مُحَبَّب، وهو عادة تبدأ عندما يخاف الطفل من الكلام ولا يعرف ماذا يفعل. أحياناً، يمكن أن يتسبب الخجل في أن يبدو الطفل مُملاً وثقيل الظل. يشعر الطفل بالخجل عندما يقول شيئاً خاطئاً ويخجل من قول شيء مرة أخرى خوفاً من أن يضحك الآخرون عليه. يضع الطفل يده على فمه عند الحديث، أو يتكلم بصوت منخفض، بحيث لا يفهم الطرف الآخر ما يقول نتيجة شعوره بالخجل.
- شعور طبيعي:
الخجل هو شعور طبيعي ينتج عنه تصرف يمكن إصلاحه. أما الخزي فهو شعور شديد وحاد ينتج عن الإحساس بعدم الكفاءة، وبالسوء، وبالتفاهة. شعور يمكن أن يدوم طوال العمر. يمكن أن يدفع الشعور بالخزي الطفل إلى الإعتقاد بأنّه غير صالح بما يكفي، غير مُحبَّب، أحمق، أنّه غلطة.
إنّ إلحاق الخزي بالغير، تقنية يستخدمها الأشخاص السيئون لتحويل الإنتباه بعيداً عن سلوكهم وللضغط على الضحية وفرض سيطرتهم عليها، حيث يتم وضع الطفل في حالة يصعب عليه الخروج منها، بحيث يشعر الطفل بأنّه سيئ ولن يرقَى إلى المعايير المتعارَف عليها، وأن عليه قضاء ما تبقّى من حياته في العمل لمحاولة التعويض عمّا ينقصه.
يمكن أن يُعاني البالغ الذي تم إشعاره بالخزي، من خجل مفرط ومن الشعور بالإحراج والبدّونية. فهو لا يعتقد أنّه إرتكب خطأ بل يعتقد أنّه هو نفسه خطأ. وهو يخاف من العلاقات الحميمة ويميل إلى تجنب إقامة صداقات حقيقية. ويمكن أن يبدو إما عظيماً ومستقلاً أو غير أناني. ويشعر بأنّه مهما فعل فلن يحدث أي تغيير، لأنّه يعتقد بأنّه عديم القيمة وغير محبوب. كما يشعر بأنّه دائماً في وضعية الدفاع، خاصة عندما لا يتلقّى الدعم المطلوب. ويشعر بالذل إذا أُجبر على تصحيح أخطائه أو عيوبه، وقد يختبر الشعور بالإحباط.
- مساعدة الطفل على التخلص من خجله:
هناك أسباب عديدة تكمن وراء تطور الخجل عند بعض الأطفال الصغار. يمكن أن يكون أحدها صعوبة تعامُل الطفل مع أوضاع جديدة تفرض عليه التراجع والتردد. يتصف بعض الأطفال بحساسية عالية جدّاً، فيحتاج الواحد منهم إلى بعض الوقت حتى يعتاد الغرباء ويقترب منهم. لذا، يمكن أن يؤدي هذا التردد إلى أن يصبح الطفل خجولاً. قد يكون السبب الآخر هو عدم وجود إنسجام بين الأهل، ما يجعل الطفل يشعر بعدم الأمان، وقد يؤدي هذا الأمر إلى شعور الطفل بالخجل. أحياناً، يعود السبب إلى نشأة الطفل في كنَف أهل خجولين لا يوجد لديهم أصدقاء أو إهتمامات إجتماعية. بغض النظر عن السبب، هناك أشياء عديدة يُمكن أن تفعلها الأُم لتساعد طفلها على التخلص من خجله.
· تعريض الطفل لأشخاص وأوضاع مختلفة:
على الأُم أن تبدأ في تقديم طفلها في سن مبكرة، لأشخاص مختلفين، وتُعرّضه لأوضاع مختلفة، وتُعرّفه إلى أنشطة عديدة مثل الإنضمام إلى فرق رياضية. فإن هذا يساعد الطفل الصغير على الإعتياد على تفاعلات إجتماعية جديدة في أوضاع مختلفة، ما يفسح المجال أمامه للتفاعُل مع أنداده. إنّ السماح للطفل بالإنغماس في أنشطة إجتماعية يساعده على التغلب على ميوله إلى الإنعزال عن الآخرين.
· مُساعدة الطفل على أن يشعر بأنّه مُؤهّل عبر تعليمه المسؤولية والإستقلال:
في الأغلب، يعتمد الطفل الخجول على الأُم كليّاً، أو على أي شخص آخر مهم في حياته. وهذا يجعل الطفل يتردد في المُجازفة في عَقْد الصداقات أو الإنخراط في أنشطة إجتماعية. على الأُم أن تسند إلى طفلها بعض المهام، مثل بعض الأعمال اليومية، التي تشكل تحدّياً لقُدراته، شرط أن تتناسب معها. عليها أن تشجعه على إتخاذ القرارات. عندما يشعر الطفل بأنّه مهم، يتعمَّق إعتزازه بنفسه وبقُدراته.
· السماح للطفل بالتعبير عن آرائه ومشاعره:
من الممكن أن يُعبّر الطفل الخجول عن رأيه بوضوح إذا أُعطي الفرصة. لذا، من المهم أن تمنحه الأُم هذه الفرصة حتى لا يزداد خجله ويعزل نفسه. إذا تولّت الأم الإجابة عن طفلها الخجول، فإنها بذلك تعمل على تعزيز التصرفات التي تدل على خجله، وفي الوقت نفسه تحرمه من فرصة ممارسة التواصُل الاجتماعي ومن معرفة الرَّد على الأسئلة التي تُوَجّه إليه. في إمكان الأُم تشجيع طفلها على الكلام من خلال لعب دور المحاور، فتطرح عليه الأسئلة حول مختلفة الموضوعات. ومنها مثلاً: الطعام المفضّل لديه، علاقاته مع أنداده في المدرسة، عن المادة التي يحب وسبب تفضيلها على بقية المواد الدراسية.. إلخ. ثمّ عليها تبادل الأدوار، فتترك لطفلها لعب دور المحاور. عندما يشعر الطفل الخجول بقدرته على معرفة ما الذي يريد قوله أثناء تفاعله الإجتماعي، تزداد ثقته بنفسه ويُبدي إستعداداً أكبر للإنخراط في أنشطة إجتماعية.
· ملاحظة إحتياجات الطفل وتلبيتها:
يصبح في إمكان الطفل الخجول تَولّي قيادة الفريق الذي يلعب معه في حال تلقّى الرعاية اللازمة من الأُم. في حين يبقى الطفل الذي لا يلقّى الإهتمام الكافي، خجولاً وخائفاً طوال حياته. إنّ الأُم التي تستجيب لمطالب طفلها الصغير الخجول وتلبيها، تساعده على الإحتفاظ بهدوئه والسيطرة على إنفعالاته وردود فعله. وهذا يسمح بتحويل حساسيته الزائدة إلى مصدر قوة، تدفعه إلى الإستجابة أكثر إحتياجات أنداده، وتساعده على أن يُصبح مُفاوضاً أفضل ضمن فريقه.
· التركيز على الخجل وتجنُّب التشهير بالطفل:
إنّ إعتراف الأُم بمشاعر طفلها من دون أن تحكم عليها سلباً، يساعد على الشعور بأنّه شخص صالح. وفي المقابل، إن إعطاءه الإنطباع بأن هناك خطأ ما، يجعله يشعر بأنّه شخص سيئ، هذا يزيد من إحساسه بعدم الأمان وبالخجل. إنّ التعاطف مع الطفل يساعده على تطوير مشاعر التعاطف لديه، ما يُعزز من مهاراته الإجتماعية ويساعده على التواصل مع الآخرين.
· تعليم الطفل المهارات الإجتماعية الأساسية:
يحتاج الطفل غالباً إلى تعلم المصافحة، الإبتسام، النظر مباشرة في عينيّ الشخص الذي يتحدث إليه، تبادُل الحديث مع الجميع بأدب وهدوء. وحتى يسهل على الأُم تعليم طفلها إتقان هذه المهارات، عليها تدريبه على فعل ذلك. مثلاً، أن تمُثل معه دور كيفيّة تقديم نفسه للأطفال الآخرين في حفل ما أو في أي لقاء، أو كيفية الإنضمام إلى فريق رياضي، أو كيفية ترتيب موعد للعب مع أطفال آخرين. إنّ الطفل الذي ينجح في اللعب ضمن فريق يصبح قوي المُلاحظة ويتمكن من التعامُل مع بقيّة أعضاء الفريق بسرعة. ويستطيع في نهاية الأمر أن يصبح قائداً للفريق. على الأُم أن تُعودّ طفلها في المنزل بدايةً، على ممارسة الألعاب التي تُنمّي مهاراته الإجتماعية وتُعززها.
· عدم وسم الطفل بصفة الخجل:
بدلاً من أن تصف الأم طفلها بالخجول، عليها أن تتعرف إلى مشاعره وتتفهّمها لمعرفة أسباب خجله. وأن تُركّز على قدرته في التغلب على مخاوفه وفي التعاطي مع أنداده، وفي إقامة الصداقات. قد يتطلب الأمر بعض الوقت إلى أن يتعلم الطفل هذه المهارات. على الأُم أن تكون صبُورة وأن تتجنب في كل الأحوال وصف طفلها بالـ"خجول" على مسمعيه. بل عليها أن تستمر في بذل الجهد لتعليم طفلها المهارات الإجتماعية، لأنّه في النهاية لابدّ من أن يتعلمها لحاجته الماسّة إليها في حياته المستقبلية.
· تعليم الطفل الإستراتيجيات الفعّالة في التعامل مع الخجل:
على الأم تذكير طفلها دائماً أنّه من غير المفروض عليه أن يكون مُسليّاً ويُمتع الآخرين، بل يكفي يكفي أن يُظهر إهتماماً بالأشخاص الموجودين. مثلاً، إذا كان مدعوّاً إلى حفل عيد ميلاد، عليها أن تُعلمه كيف يطرح الأسئلة على الأطفال الآخرين والإستماع إلى إجابتهم، وكيفية التعامل مع الأشخاص الموجودين في الحفل، وكيف يحافظ على هدوئه، وأن تشجعه على التعرف إلى بقية الأطفال في الحفل، وألا يكتفي بالحديث مع الأشخاص الذين يعرفهم فقط، وتعلمه الإسهام في تقديم العصائر أو الحلويات. عليها أن تعطيه فكرة عن الموضوعات التي يمكن أن يتحدث عنها مع الأطفال المدعوين، وأن تُدرّبه على كيفية مناقشتها.
- مساعدة الطفل على التخلص من وصمة الخزي:
إنّ الخزي هو شعور عام بعدم السعادة وبخيبة الأمل، وهو يمكن أن ينتج عن ارتكاب الطفل خطأ ما، أو يمكن أن ينشأ عن ظروف أخرى لا علاقة لها بالتصرف السيئ: مثلاً، التعرض لمضايقة من الأنداد أو عدم القدرة بعد على إنجاز أعمال صعبة. على الأُم أن تخفف من مشاعر الخزي هذه التي لا يستحقها الطفل، بطمأنينته وتحسيسه بالراحة والأمان.
يجعل الخزي الإنسان يشعُر بالضّآلة. ويفرض عليه أن يمر مُرور الكرام، من دون أن يلحظه أحد، وأن يحتفظ بآرائه لنفسه، وألا يُفصح عن إحتياجاته ومشاعره. وهو يُصيب الإنسان في الصميم، ويقف عقبة قوية أمام غروره وإعتزازه بنفسه. إذ إنّ للزي علاقة قوية بالغرور واحترام الذات. فكلما إزداد شعور الطفل بالخزي، قَلّ إحترامه لنفسه. إنّ أكثر الأطفال شعوراً بالخزي، هم أولئك الذين يتعرضون لعُنف أو لإعتداء من أي نوع أو إلى إذلال من قِبل الأنداد.
في الأغلب، تكون مشاعر الطفل الذي يحس بالخزي قوية جدّاً، بحيث يشعر بأنّه من غير السهل التغلّب على إحساسه الذي يتسبب في ابتعاده عن الناس، ويتركه عاجزاً، ويُجرّده من قدرته على التوصّل إلى الحقيقة. يمكن للأفكار التالية أن تساعد الأُم على دعم جهود الطفل، للتقليل من الشعور بالخزي والتغلب عليه.
· تَقبُّل الذات:
على الأُم أن تُعلّم طفلها الشعور بالرضا عن ذاته والإعتزاز بنفسه، فتقبُّل الذات هو خيار. إنّ طريقة تفكير الطفل بذاته تؤثر في طريقة تقديم نفسه للآخرين. من غير المهم أن "يشعر" الطفل بعدم الثقة بنفسه. المهم أن يتصرف بثقة، فطريقة تصرفه تُغيّر من شعوره. من غير المفروض أن يُعجب الطفل بكل ما يتعلق بشخصه، لكن عليه أن يتقبَّل ذاته حتى يتمكن من تغيير الأشياء التي لا تُعجبه.
· محو الذكريات المتعلقة بمشاعر الخزي من الذاكرة:
يجب أن يعرف الطفل أنّ عدم التفكير في الأشياء التي تُذكّره بمشاعر الخزي، يساعد على التخلص من هذه الصفة. وحتى تساعد الأُم طفلها على الوصول إلى هذا الهدف، عليها أن نطلب منه أن يتذكر حادثة سبّبت له الشعور بالخزي، ثمّ تطلب منه أن يتحدث عن تأثيرها السلبي فيه، وعن تصوره لِمَا يرغب في أن يكون عليه، وعدم التركيز على الصورة السابقة. إنّ هذا الأسلوب يَدْعَم من رؤيته الجديدة لذاته، ويساعده على إختبارها بطريقة جديدة.
· وضع حدود قوية:
لا بأس إنّ شعر الطفل بالقلق من الحدود. لكن على الأُم أن تعتمدها وتصرُّ على الإلتزام بها، لأنها تحمي الطفل من التصرف من غير ضوابط، أو من أن يكون عرضة للإستغلال من قِبَل الآخرين. على الأُم تدريب طفلها على مُواجهة الذين ينتهكون حقوقه ويحاولون إستغلاله، أن يتحدث بهدوء وبصوت واضح يدل على الثقة بالنفس. في إمكان الطفل الوقوف أمام المرآة والتدرُّب على ذلك.
· تعزيز قُدرات الطفل:
على الأُم إفساح المجال أمام طفلها ليتعلم من أخطائه ويحاول تصحيحها، من دون تَدخُّل مُباشر من طرفها. عليها أن تتركه يخوض تجاربه وحده وبإشراف منها. من الضروري والمهم، أن يكون الطفل قادراً على مُواجهة المصاعب. على الأُم أن تُدّربه على الرد بسرعة وهدوء وحزم، على كل مَن يحاول التطاول عليه. إذا إستطاع الطفل الرد بثقة وحزم بدلاً من الشك بنفسه، يصبح في إمكانه وضع حد لشعوره بالضّعف، وهذا بدوره يساعد على التخلص من الشعور بالدّونيّة والخزي.►
◄يمكن أن يكون شعور الطفل بالخجل نابعاً من شعوره بعدم الكفاءة وبالخوف من ضحك الأطفال الآخرين وحكمهم عليه. وسواء أكانت هذه المخاوف حقيقية، أم لا وجود لها إلا في ذهن الطفل، على الأُم ألا تستهين بها وألا تتجاهل شعور طفلها بالخجل.
إنّ شعور الطفل بالخجل له تأثيرات جانبية كثيرة، منها: إقامة الصداقات وتنميتها والإحتفاظ بها، مواجهة الطفل للمتاعب في فرض الإعتراف بحقوقه على الآخرين، سوء فهم الآخرين له، الظن أنا بارد لا يُبدي إهتماماً أو عطفاً على الآخرين، مصاعب في تعلُّم مهارات التواصل الإجتماعية الفعالة، عناء في التعبير عن مشاعره. إنّ الخجل هو شعور فظيع غير مُحَبَّب، وهو عادة تبدأ عندما يخاف الطفل من الكلام ولا يعرف ماذا يفعل. أحياناً، يمكن أن يتسبب الخجل في أن يبدو الطفل مُملاً وثقيل الظل. يشعر الطفل بالخجل عندما يقول شيئاً خاطئاً ويخجل من قول شيء مرة أخرى خوفاً من أن يضحك الآخرون عليه. يضع الطفل يده على فمه عند الحديث، أو يتكلم بصوت منخفض، بحيث لا يفهم الطرف الآخر ما يقول نتيجة شعوره بالخجل.
- شعور طبيعي:
الخجل هو شعور طبيعي ينتج عنه تصرف يمكن إصلاحه. أما الخزي فهو شعور شديد وحاد ينتج عن الإحساس بعدم الكفاءة، وبالسوء، وبالتفاهة. شعور يمكن أن يدوم طوال العمر. يمكن أن يدفع الشعور بالخزي الطفل إلى الإعتقاد بأنّه غير صالح بما يكفي، غير مُحبَّب، أحمق، أنّه غلطة.
إنّ إلحاق الخزي بالغير، تقنية يستخدمها الأشخاص السيئون لتحويل الإنتباه بعيداً عن سلوكهم وللضغط على الضحية وفرض سيطرتهم عليها، حيث يتم وضع الطفل في حالة يصعب عليه الخروج منها، بحيث يشعر الطفل بأنّه سيئ ولن يرقَى إلى المعايير المتعارَف عليها، وأن عليه قضاء ما تبقّى من حياته في العمل لمحاولة التعويض عمّا ينقصه.
يمكن أن يُعاني البالغ الذي تم إشعاره بالخزي، من خجل مفرط ومن الشعور بالإحراج والبدّونية. فهو لا يعتقد أنّه إرتكب خطأ بل يعتقد أنّه هو نفسه خطأ. وهو يخاف من العلاقات الحميمة ويميل إلى تجنب إقامة صداقات حقيقية. ويمكن أن يبدو إما عظيماً ومستقلاً أو غير أناني. ويشعر بأنّه مهما فعل فلن يحدث أي تغيير، لأنّه يعتقد بأنّه عديم القيمة وغير محبوب. كما يشعر بأنّه دائماً في وضعية الدفاع، خاصة عندما لا يتلقّى الدعم المطلوب. ويشعر بالذل إذا أُجبر على تصحيح أخطائه أو عيوبه، وقد يختبر الشعور بالإحباط.
- مساعدة الطفل على التخلص من خجله:
هناك أسباب عديدة تكمن وراء تطور الخجل عند بعض الأطفال الصغار. يمكن أن يكون أحدها صعوبة تعامُل الطفل مع أوضاع جديدة تفرض عليه التراجع والتردد. يتصف بعض الأطفال بحساسية عالية جدّاً، فيحتاج الواحد منهم إلى بعض الوقت حتى يعتاد الغرباء ويقترب منهم. لذا، يمكن أن يؤدي هذا التردد إلى أن يصبح الطفل خجولاً. قد يكون السبب الآخر هو عدم وجود إنسجام بين الأهل، ما يجعل الطفل يشعر بعدم الأمان، وقد يؤدي هذا الأمر إلى شعور الطفل بالخجل. أحياناً، يعود السبب إلى نشأة الطفل في كنَف أهل خجولين لا يوجد لديهم أصدقاء أو إهتمامات إجتماعية. بغض النظر عن السبب، هناك أشياء عديدة يُمكن أن تفعلها الأُم لتساعد طفلها على التخلص من خجله.
· تعريض الطفل لأشخاص وأوضاع مختلفة:
على الأُم أن تبدأ في تقديم طفلها في سن مبكرة، لأشخاص مختلفين، وتُعرّضه لأوضاع مختلفة، وتُعرّفه إلى أنشطة عديدة مثل الإنضمام إلى فرق رياضية. فإن هذا يساعد الطفل الصغير على الإعتياد على تفاعلات إجتماعية جديدة في أوضاع مختلفة، ما يفسح المجال أمامه للتفاعُل مع أنداده. إنّ السماح للطفل بالإنغماس في أنشطة إجتماعية يساعده على التغلب على ميوله إلى الإنعزال عن الآخرين.
· مُساعدة الطفل على أن يشعر بأنّه مُؤهّل عبر تعليمه المسؤولية والإستقلال:
في الأغلب، يعتمد الطفل الخجول على الأُم كليّاً، أو على أي شخص آخر مهم في حياته. وهذا يجعل الطفل يتردد في المُجازفة في عَقْد الصداقات أو الإنخراط في أنشطة إجتماعية. على الأُم أن تسند إلى طفلها بعض المهام، مثل بعض الأعمال اليومية، التي تشكل تحدّياً لقُدراته، شرط أن تتناسب معها. عليها أن تشجعه على إتخاذ القرارات. عندما يشعر الطفل بأنّه مهم، يتعمَّق إعتزازه بنفسه وبقُدراته.
· السماح للطفل بالتعبير عن آرائه ومشاعره:
من الممكن أن يُعبّر الطفل الخجول عن رأيه بوضوح إذا أُعطي الفرصة. لذا، من المهم أن تمنحه الأُم هذه الفرصة حتى لا يزداد خجله ويعزل نفسه. إذا تولّت الأم الإجابة عن طفلها الخجول، فإنها بذلك تعمل على تعزيز التصرفات التي تدل على خجله، وفي الوقت نفسه تحرمه من فرصة ممارسة التواصُل الاجتماعي ومن معرفة الرَّد على الأسئلة التي تُوَجّه إليه. في إمكان الأُم تشجيع طفلها على الكلام من خلال لعب دور المحاور، فتطرح عليه الأسئلة حول مختلفة الموضوعات. ومنها مثلاً: الطعام المفضّل لديه، علاقاته مع أنداده في المدرسة، عن المادة التي يحب وسبب تفضيلها على بقية المواد الدراسية.. إلخ. ثمّ عليها تبادل الأدوار، فتترك لطفلها لعب دور المحاور. عندما يشعر الطفل الخجول بقدرته على معرفة ما الذي يريد قوله أثناء تفاعله الإجتماعي، تزداد ثقته بنفسه ويُبدي إستعداداً أكبر للإنخراط في أنشطة إجتماعية.
· ملاحظة إحتياجات الطفل وتلبيتها:
يصبح في إمكان الطفل الخجول تَولّي قيادة الفريق الذي يلعب معه في حال تلقّى الرعاية اللازمة من الأُم. في حين يبقى الطفل الذي لا يلقّى الإهتمام الكافي، خجولاً وخائفاً طوال حياته. إنّ الأُم التي تستجيب لمطالب طفلها الصغير الخجول وتلبيها، تساعده على الإحتفاظ بهدوئه والسيطرة على إنفعالاته وردود فعله. وهذا يسمح بتحويل حساسيته الزائدة إلى مصدر قوة، تدفعه إلى الإستجابة أكثر إحتياجات أنداده، وتساعده على أن يُصبح مُفاوضاً أفضل ضمن فريقه.
· التركيز على الخجل وتجنُّب التشهير بالطفل:
إنّ إعتراف الأُم بمشاعر طفلها من دون أن تحكم عليها سلباً، يساعد على الشعور بأنّه شخص صالح. وفي المقابل، إن إعطاءه الإنطباع بأن هناك خطأ ما، يجعله يشعر بأنّه شخص سيئ، هذا يزيد من إحساسه بعدم الأمان وبالخجل. إنّ التعاطف مع الطفل يساعده على تطوير مشاعر التعاطف لديه، ما يُعزز من مهاراته الإجتماعية ويساعده على التواصل مع الآخرين.
· تعليم الطفل المهارات الإجتماعية الأساسية:
يحتاج الطفل غالباً إلى تعلم المصافحة، الإبتسام، النظر مباشرة في عينيّ الشخص الذي يتحدث إليه، تبادُل الحديث مع الجميع بأدب وهدوء. وحتى يسهل على الأُم تعليم طفلها إتقان هذه المهارات، عليها تدريبه على فعل ذلك. مثلاً، أن تمُثل معه دور كيفيّة تقديم نفسه للأطفال الآخرين في حفل ما أو في أي لقاء، أو كيفية الإنضمام إلى فريق رياضي، أو كيفية ترتيب موعد للعب مع أطفال آخرين. إنّ الطفل الذي ينجح في اللعب ضمن فريق يصبح قوي المُلاحظة ويتمكن من التعامُل مع بقيّة أعضاء الفريق بسرعة. ويستطيع في نهاية الأمر أن يصبح قائداً للفريق. على الأُم أن تُعودّ طفلها في المنزل بدايةً، على ممارسة الألعاب التي تُنمّي مهاراته الإجتماعية وتُعززها.
· عدم وسم الطفل بصفة الخجل:
بدلاً من أن تصف الأم طفلها بالخجول، عليها أن تتعرف إلى مشاعره وتتفهّمها لمعرفة أسباب خجله. وأن تُركّز على قدرته في التغلب على مخاوفه وفي التعاطي مع أنداده، وفي إقامة الصداقات. قد يتطلب الأمر بعض الوقت إلى أن يتعلم الطفل هذه المهارات. على الأُم أن تكون صبُورة وأن تتجنب في كل الأحوال وصف طفلها بالـ"خجول" على مسمعيه. بل عليها أن تستمر في بذل الجهد لتعليم طفلها المهارات الإجتماعية، لأنّه في النهاية لابدّ من أن يتعلمها لحاجته الماسّة إليها في حياته المستقبلية.
· تعليم الطفل الإستراتيجيات الفعّالة في التعامل مع الخجل:
على الأم تذكير طفلها دائماً أنّه من غير المفروض عليه أن يكون مُسليّاً ويُمتع الآخرين، بل يكفي يكفي أن يُظهر إهتماماً بالأشخاص الموجودين. مثلاً، إذا كان مدعوّاً إلى حفل عيد ميلاد، عليها أن تُعلمه كيف يطرح الأسئلة على الأطفال الآخرين والإستماع إلى إجابتهم، وكيفية التعامل مع الأشخاص الموجودين في الحفل، وكيف يحافظ على هدوئه، وأن تشجعه على التعرف إلى بقية الأطفال في الحفل، وألا يكتفي بالحديث مع الأشخاص الذين يعرفهم فقط، وتعلمه الإسهام في تقديم العصائر أو الحلويات. عليها أن تعطيه فكرة عن الموضوعات التي يمكن أن يتحدث عنها مع الأطفال المدعوين، وأن تُدرّبه على كيفية مناقشتها.
- مساعدة الطفل على التخلص من وصمة الخزي:
إنّ الخزي هو شعور عام بعدم السعادة وبخيبة الأمل، وهو يمكن أن ينتج عن ارتكاب الطفل خطأ ما، أو يمكن أن ينشأ عن ظروف أخرى لا علاقة لها بالتصرف السيئ: مثلاً، التعرض لمضايقة من الأنداد أو عدم القدرة بعد على إنجاز أعمال صعبة. على الأُم أن تخفف من مشاعر الخزي هذه التي لا يستحقها الطفل، بطمأنينته وتحسيسه بالراحة والأمان.
يجعل الخزي الإنسان يشعُر بالضّآلة. ويفرض عليه أن يمر مُرور الكرام، من دون أن يلحظه أحد، وأن يحتفظ بآرائه لنفسه، وألا يُفصح عن إحتياجاته ومشاعره. وهو يُصيب الإنسان في الصميم، ويقف عقبة قوية أمام غروره وإعتزازه بنفسه. إذ إنّ للزي علاقة قوية بالغرور واحترام الذات. فكلما إزداد شعور الطفل بالخزي، قَلّ إحترامه لنفسه. إنّ أكثر الأطفال شعوراً بالخزي، هم أولئك الذين يتعرضون لعُنف أو لإعتداء من أي نوع أو إلى إذلال من قِبل الأنداد.
في الأغلب، تكون مشاعر الطفل الذي يحس بالخزي قوية جدّاً، بحيث يشعر بأنّه من غير السهل التغلّب على إحساسه الذي يتسبب في ابتعاده عن الناس، ويتركه عاجزاً، ويُجرّده من قدرته على التوصّل إلى الحقيقة. يمكن للأفكار التالية أن تساعد الأُم على دعم جهود الطفل، للتقليل من الشعور بالخزي والتغلب عليه.
· تَقبُّل الذات:
على الأُم أن تُعلّم طفلها الشعور بالرضا عن ذاته والإعتزاز بنفسه، فتقبُّل الذات هو خيار. إنّ طريقة تفكير الطفل بذاته تؤثر في طريقة تقديم نفسه للآخرين. من غير المهم أن "يشعر" الطفل بعدم الثقة بنفسه. المهم أن يتصرف بثقة، فطريقة تصرفه تُغيّر من شعوره. من غير المفروض أن يُعجب الطفل بكل ما يتعلق بشخصه، لكن عليه أن يتقبَّل ذاته حتى يتمكن من تغيير الأشياء التي لا تُعجبه.
· محو الذكريات المتعلقة بمشاعر الخزي من الذاكرة:
يجب أن يعرف الطفل أنّ عدم التفكير في الأشياء التي تُذكّره بمشاعر الخزي، يساعد على التخلص من هذه الصفة. وحتى تساعد الأُم طفلها على الوصول إلى هذا الهدف، عليها أن نطلب منه أن يتذكر حادثة سبّبت له الشعور بالخزي، ثمّ تطلب منه أن يتحدث عن تأثيرها السلبي فيه، وعن تصوره لِمَا يرغب في أن يكون عليه، وعدم التركيز على الصورة السابقة. إنّ هذا الأسلوب يَدْعَم من رؤيته الجديدة لذاته، ويساعده على إختبارها بطريقة جديدة.
· وضع حدود قوية:
لا بأس إنّ شعر الطفل بالقلق من الحدود. لكن على الأُم أن تعتمدها وتصرُّ على الإلتزام بها، لأنها تحمي الطفل من التصرف من غير ضوابط، أو من أن يكون عرضة للإستغلال من قِبَل الآخرين. على الأُم تدريب طفلها على مُواجهة الذين ينتهكون حقوقه ويحاولون إستغلاله، أن يتحدث بهدوء وبصوت واضح يدل على الثقة بالنفس. في إمكان الطفل الوقوف أمام المرآة والتدرُّب على ذلك.
· تعزيز قُدرات الطفل:
على الأُم إفساح المجال أمام طفلها ليتعلم من أخطائه ويحاول تصحيحها، من دون تَدخُّل مُباشر من طرفها. عليها أن تتركه يخوض تجاربه وحده وبإشراف منها. من الضروري والمهم، أن يكون الطفل قادراً على مُواجهة المصاعب. على الأُم أن تُدّربه على الرد بسرعة وهدوء وحزم، على كل مَن يحاول التطاول عليه. إذا إستطاع الطفل الرد بثقة وحزم بدلاً من الشك بنفسه، يصبح في إمكانه وضع حد لشعوره بالضّعف، وهذا بدوره يساعد على التخلص من الشعور بالدّونيّة والخزي.►